![]() |
السوشيال ميديا |
الوحدة الرقمية فى زمن السوشيال ميديا.. كيف تحولت الصداقات إلى مجرد تفاعلات إلكترونية؟
العزلة فى زمن "التواصل": مفارقة العصر.. يرى الدكتور إبراهيم أن "وسائل التباع للاجتماع" كما وصفها ساخرا – بدلا من "التواصل الاجتماعى" – قد سلبت من الناس القدرة على اللقاء الحقيقى، وجعلت العلاقات مجرّد إشعارات تصل على الهواتف المحمولة، وأصبحنا فى زمن لا يرى فيه الأصدقاء بعضهم وجهًا لوجه، ولا تجتمع فيه العائلات إلا عبر مكالمات الفيديو، وحتى الأعياد والمناسبات تحولت إلى رسائل مُعلّبة وفيديوهات مكررة تُرسل على عجل، ويضيف: "مفيش حد بقى يقعد مع حد"، مؤكّدًا أن الحضور الإنسانى فقد أهميته أمام حضور الشاشة.
وأوضح أن الأسرة، التى كانت نواة المجتمع وروح الاستقرار، لم تسلم هى الأخرى من تأثير السوشيال ميديا؛ فيروى الدكتور إبراهيم أن الجلسات العائلية أصبحت نادرة، وأنه حتى عندما يجتمع أفراد الأسرة، فإنهم لا يتحدثون، بل يغرق كل منهم فى عالمه الرقمى "ماعدش فى أهل بيجتمعوا على سفرة واحدة"، يقولها الطبيب بنبرة حزينة، فى إشارة إلى أن الهاتف المحمول أصبح ثالث الضيوف على المائدة، لكنه ضيف ثقيل الظل، يسرق الأحاديث ويعزل الأفراد فى فقاعات إلكترونية مغلقة.
ويشير الدكتور إبراهيم إلى أن السوشيال ميديا خلقت نوعًا من الاعتماد النفسى على التفاعل الرقمى، حيث أصبحت "اللايكات" و"المتابعين" مصدرًا زائفًا للثقة بالنفس، ويقول: "الشخص بيستمد قوته وسعادته من المتابعين، ولما يقلوا، بيحس بنقص وقلق وأعراض انسحاب، زى المدمن تمامًا"، متابعًا: "الناس بقت تقارن نفسها بغيرها، تشوف حد مسافر أو ناجح على الفيسبوك، فتبدأ تشعر بالعجز أو النقص، رغم أن معظم هذه الصور مش واقعية".
أمراض جديدة.. وأعراض غير مألوفة.. ما بين "الرهاب الاجتماعى"، و"الخوف من مواجهة الناس"، و"الانفصال عن الواقع"، برزت أعراض نفسية جديدة لم تكن شائعة من قبل؛ فيشرح الطبيب أن الاستخدام المُكثف للسوشيال ميديا أدى إلى تآكل المهارات الاجتماعية، وظهور أنماط شخصية متقوقعة وغير قادرة على التواصل الإنسانى الطبيعى، فقد أصبح من السهل جدًا إلغاء العلاقات، أو استبدال الأصدقاء، أو بناء صداقات وهمية لا تتجاوز الشاشة، والنتيجة؟ كذب أكثر، علاقات سطحية، وشعور متزايد بالوحدة.
الحل؟ العودة إلى الإنسان.. فى ظل هذا المشهد القاتم، يقترح الدكتور إبراهيم؛ العودة إلى البدايات: "التوعية"، و"الأسرة"، و"الصحبة"، يطالب بإعادة إحياء الروابط الإنسانية الحقيقية، وتشجيع القراءة، والرياضة، والهوايات، والجلوس على موائد الطعام كعائلة واحدة.. "نحتاج نرجع نصور بعض، نلعب رياضة، نقرأ فى كتاب، نقعد مع بعض تانى"، يقولها الطبيب وكأنها وصفة علاجية نفسية، كما يوصى بتخصيص وقت يومى – ولو نصف ساعة – بعيدًا عن الشاشات، للاتصال بالذات والآخرين.
تعليق